الأربعاء، 21 سبتمبر 2022

ضبط الشارع المصري.. همسة في أذن وزارة الداخلية

 


عبدالرحيم كمال

للشاعر الكبير الراحل الكبير "عبدالرحمن الأبنودي" كلمة قاسية عن حال الشارع المصري، الذي قال عنه إنه شارع همجي، قاصدا إنه عشوائي، مفتقد للتنظيم.

نعم.. الوصف صحيح، ورغم قسوته فإنه يصدر عن عاشق أصيل لمصر، فهو النقد البنّاء -إن التفتنا إليه وبحثنا أسبابه وسبل الخروج منه -وفي رأيي أن الحل يكمن في يد وزارة الداخلية أولاً، والأحياء ثانياً.. ويهمني هنا وضع بعض النقاط الخاصة بوزارة الداخلية من أجل تنظيم الشارع المصري.

ولكي يكون الطرح واقعياً، أبدأ بما أراه يومياً في شوارعنا بمختلف مستويات الأحياء والمدن، الراقي والمتوسط والمُغْرِق في الشعبية، فالملاحَظ افتقاد غالبية شوارعنا للنظام، سير المركبات في الاتجاه المعاكس، التخطي من اليمين، استعمال الهاتف المحمول أثناء القيادة بما يؤدي إلى وقوع حوادث بأعداد كبيرة، فحتى سائقي الباصات بمختلف أحجامها يرتكبون هذه الخطيئة المؤدية لسيل دماء عشرات المواطنين الأبرياء على الأسفلت، ومعروف إن مصر من أكثر دول العالم ارتفاعاً في حوادث الطرق.

البنية التحتية أولاً

الحل يكمن في ضرورة تجهيز البنية التحتية للشوارع من تشييد  الأرصفة الجانبية والواقعة في منتصف الطريق، ووضع لافتات تحمل اسم الشارع، واتجاه السير فيه -خاصة إذا كان أحادي الاتجاه، ومنعطفات العودة للخلف- ولافتات إرشادية توضح كيفية الذهاب إلى المعالم والمزارات الهامة والطرق الرئيسية.



الاستفادة من التكنولوجيا

يرافق هذه الخطوة ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة عبر "مترسة" الشوارع بإشارات المرور الذكية، بمعني نشرها بكثافة، وغرس ترسانة من كاميرات المراقبة في أي شارع أو زقاق تسير فيه المركبات، لتسجيل مخالفات هذه المركبات، ومن ثم يتم رصد ما ترتكبه من مخالفات مرورية، ومن ثم توقيع الغرامات عليها.

حملات توعوية

وإذا كان إعداد البنية التحتية للمرور هو الخطوة الأولية لضبط الشارع المصري، فإن الخطوة التالية والضرورية هي شن حملة توعوية ضخمة وشاملة عن حتمية التزام السائقين بالقوانين، تتضمن المبالغ المفروضة على المخالفات، على أن تستمر هذه الحملة مدة طويلة – 6 شهور مثلاً قبل تطبيق قانون المخالفات- عبر التليفزيون و الإذاعة والصحف ومواقع الإنترنت الحكومية والخاصة ومواقع التواصل الاجتماعي وأهمها الفيس وتويتر، ويجب الحرص على وصول الحملة لكل إنسان بشكل مكثف حتى لايدعي أحد أنه لايعلم.

هناك من سيتساءل مستنكراً: ولماذا هذه التكلفة العالية وما هي جدواها وكيف يمكن للدولة توفيرها؟

أعلم أن التكلفة عالية جداً، لكن لو توفر لها القرار السياسي، فسيتم البدء في تنفيذها فوراً، ثم إن المبالغ المنصرفة على التطوير المروري ستعود على الدولة بأضعاف الأضعاف، لاسيما وكلنا يعلم أنه في كل دقيقة تحدث عشرات المخالفات في كل مكان في المحروسة.



حوادث المحمول

من بين مايجب تجريمه وتضخيم العقاب عليه استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة، سواء كانت المركبة عامة أو خاصة، فالمشهد دائم التكرار في الشارع لسائق موتوسيكل أو توكتوك أو ميكروباص أو تاكسي أو سيارة خاصة وقد مالت رقبته على الكتف الذي تحول لمسند للهاتف الجوال، وكثيرا ماتستمر هذه اللقطة حتي نهاية المشوار، وطبعا السائق في هذه الحالات فاقد للتركيز على الطريق، مما يؤدي لحوادث ومشاحنات يومية، وأذكر أنه في بداية انتشار الهاتف المحمول أن دولة الإمارات المتحدة فرضت غرامة مالية بقيمة 300 درهم على اي سائق يتحدث في الهاتف اثناء القيادة بدون هيدفون، وبعدها بفترة قصيرة منعت الإمارات استخدام الهاتف المحمول تماما، بالهيدفون أو غيره، وعلى أي سائق يريد إجراء مكالمة من هاتفه أن يتوقف تماما، ثم يعود للقيادة بعدها.. كذلك من المهم جداً ترخيص كل ما يسير على إطارات، وأولها التكاتك والموتوسيكلات، والإحصاءات الرسمية تشير إلى أن عدد التكاتكك في ضواحي القاهرة وصل 3.500.000 "ثلاثة ملايين ونصف المليون توكتوك، وبعضها يستخدم في عمليات إجرامية، مستغلين عدم الترخيص وعدم وجود لوحات تحمل رقم التوكتوك.. والجدير بالإشارة إلى أن دولاً أوروبية عديدة تفرض الترخيص على الدراجات الهوائية، وكأنني أسمع من ينتقد ترخيص الدراجات الهوائية، فأذكّره أنه من الممكن استخدام الدراجات الهوائية في ارتكاب الحوادث الإجرامية والإرهابية.



الأفراح.. مآتم محتملة

ظاهرة أخرى تنفرد بها مصر دون دول العالم، وهي مواكب الأعراس التي تطوف الشوارع ببطء شديد وبشكل جماعي يسد الطريق ويعرقل السير، تواكبه ألعاب بهلوانية للموتوسيكلات، والتفنن الجاهل لشباب يركب السيارة ونصف جسده خارج نوافذ السيارة، وهي مسألة في غاية الخطورة على المشاركين في الموكب والمواطنين الذين كل ذنبهم السير في هذا الطريق.. أي موكب عرس من هذا النوع مرشح للتحول من فرح إلى مأتم جماعي، مما يستوجب على الداخلية مواجهة هذه الظاهرة بحسم شديد والضرب بيد من حديد على المشاركين فيها، وفرض غرامات تصاعدية قاسية على المخالفين، حتى وإن طالت العروسين أو أحدهما، ليقضي شهر العسل في التخشيبة.

موتوسيكل عائلي

من ناحيتها، باتت الموتوسيكلات أمراً مزعجاً للمواطن والدولة، فالموتوسيكل تحول من وسيلة مواصلات إلى خطر داهم، فنرى عائلات كاملة غلى الموتوسيكل يصل عددهم إلى 4- 5 أشخاص، خاصة إذا كان بينهم أطفال ضئيلو الحجم.

"سارينة" مزيفة

أعتقد أن مصر تنفرد بين دول العالم ببيع كل شئ على الرصيف، ومن هذه الأشياء "سارينة" سيارات الشرطة والمطافئ والإسعاف، تسمع في الشارع سارينات وتلتفت متوقعا وجود سيارة طوارئ تبحث عن مخرج في هذا الزحام.. وتسأل كيف دخلت هذه السارينات للبلد، وكيف تباع على الأرصفة وعلى عينك تاجر ودون رقيب، ولا تجد إجابة للسؤال.. الموضوع -في رأيي- يمثل إهانة للشرطة واستهتارا بسيارات الطوارئ والخدمة العامة.. وأعتقد أن الأمر بحاجة للحسم، مصادرة السارينات من السيارات والباعة، وفرض غرامات على البائع والمستخدم.

كلها أفكار تصب في ضبط الشارع المصري، وتملأ خزانة الدولة.


الدراما التليفزيونية: تسقط المدينة الفاضلة

الموضوع منشورا في موقع "عين على السينما" عبد الرحيم كمال وأخيرا “شهد شاهد من أهلها”، والشاهد هو الرئيس “عبدالفتاح السيسي” شخصيا...