د.طارق شوقي.. وزير التربية والتعليم |
عبدالرحيم كمال
التعليم.. وما أدراك ما التعليم.. التعليم يعني أن تكون أو لا تكون.. حي أم ميت.. موجود أو غائب.. إنسان عاقل يفهم ويستطيع التفكير أم مجرد كائن حي مثل باقي المخلوقات من حيوانات وطيور وحشرات ونباتات.. الفرق بينها وبين الإنسان هو العقل.. والعقل لابد له من معلومات يبني عليها أفكاراً ومنظومات عقلية تسهم في تعمير الكون وتقدمه..
لكن دعونا نسأل أنفسنا أولا: هل لدينا في مصر تعليم؟ طبعاً لا.. لا.. لا بالقطع والحسم.
زينة وبريستيج
إذن لا لزوم للتعليم في كل ما سبق..
ممكن أن تستفيد بالتعليم فقط كبريستيج.. واجهة براقة.. تتقدم به للزواج.. أنا
الدكتور فلان وباشتغل عامل في قهوة مثلاً.. هذا هو الواقع.
جرائم تعليمية
ما فائدة التعليم إذن.. الدور الأهم للتعليم ليس حشو الدماغ بالمعلومات.. إنما هو تكوين عقل الإنسان وتدريبه على التفكير العلمي الممنهج.. وتحليل المعلومات المتوافرة لديه، ومن هنا يحدث التطور المنشود في المجتمعات الإنسانية.
أين تقع المشكلة؟
لنكن صرحاء: نحن نواجه مشكلة.. بل كارثة مكوناتها مصرية بامتياز -آدي إحنا متفوقين في حاجة- كارثة التعليم بدأت بعد ثورة 1952 مع الأسف -وأنا ناصري، عشان نقفل الباب ده من أوله- الثورة حققت المبدأ الثوري والإنساني الهام والذي نادي به من قبل العظيم "طه حسين" مطالباً بأن يكون التعليم كالماء والهواء، ونادى بمجانية التعليم، وهو ما حققته الثورة، وإلا ما كان لمثلي أن يتعلم.. لكن الثورة انحازت للكمّ على حساب الكيف، أصبح لدينا خريجون بالملايين، دون أن يحصلوا على تعليم جيد، للأسف خريج الجامعة لو كتبنا في شهادته أنه "حمار" حاصل على البكالوريوس أو الليسانس في الجهل لكنا صادقين ولن نتجاوز الحقيقة.
شهادات جامعية لفك الخط
البحث عن الحل
نعم يوجد حل، لكن قبل ذلك نوضح أن التقدم الحقيقي لأي أُمّة وفي أي مجال يبدأ بالتعليم.. فبدون تعليم جيد لن يكون عندنا طبيب أو مدرس أو مهندس أو سباك أو ميكانيكي، بل ولا زبال جيد -مع كامل احترامي للجميع-
الحل صعب، وصعب جداً ويحتاج: أولاً لتوفير الميزانية المطلوبة كاملة من بداية عملية التطوير دون انتظار الموازنات السنوية أو غيرها المعرّضة للطوارئ ومزاج وزير المالية وطواقم المسئولين.. عملية التطوير تبدأ من دور الحضانة وحتى الانتهاء من الجامعة.. يعني One Package"شروة واحدة"، كيان واحد، كرسي مثلا تشتريه بأرجله الأربع ولا يمكن أن نختصر منها واحدة لزوم نقص الميزانية أو التوفير، الخبراء توصلوا إلى أن إصلاح التعليم في مصر يستغرق حوالي ثلاثين سنة متواصلة، دفعة واحدة، لا يعطلها شيء، لأن أي تعطيل يعنى موت المشروع.. ولكي يتحقق ذلك لابد من توافر الإرادة السياسية، والإرادة المجتمعية -والأخيرة موجودة ومتوافرة بحمد الله-
جرأة السيسي.. خوف
مبارك وتجربة
السادات
وعي الشعب
ما يهمنا هنا هو الدليل على وجود
إرادة مجتمعية للإصلاح في كل المجالات، والتعليم أكثر ما يشغل أذهان أولياء الأمور
في مصر.. مما يرفع فاتورة الدروس الخصوصية إلى أرقام فلكية تقترب من موازنة
الدولة.. والسبب قصور المدرسة في العملية التعليمية وقبلها التربوية، لنحصل على مجتمع
مشوه كامل الفساد.
يبقى العنصر الأخير، وهو العنصر الأول من ناحية الأهمية لأنه الفاعل الحقيقي والمنفِّذ، وهو الإرادة السياسية، لنعيد طرح التساؤل مرة أخرى: هل لدينا إرادة سياسية لتطوير التعليم.. أجيبك والأرزاق على الله: لا.. لا.. لا، وارجع إلى منتصف المقال حيث ذكرنا أن العملية تستغرق 30 سنة.. لنستطيع تقييم التجربة ومواطن النجاح والقصور فيها.
يبقى العنصر الأخير، وهو العنصر الأول من ناحية الأهمية لأنه الفاعل الحقيقي والمنفِّذ، وهو الإرادة السياسية، لنعيد طرح التساؤل مرة أخرى: هل لدينا إرادة سياسية لتطوير التعليم.. أجيبك والأرزاق على الله: لا.. لا.. لا، وارجع إلى منتصف المقال حيث ذكرنا أن العملية تستغرق 30 سنة.. لنستطيع تقييم التجربة ومواطن النجاح والقصور فيها.
30 سنة؟؟!!
نعم.. مطلوب 30 سنة.. الشعب موجود
طبعا إن شاء الله، يعني الإرادة المجتمعية مضمونة وفي جيب الساعة الصغير.. وتظل
الكُرة بين قدمي الإرادة السياسية.. فهل هي جادة في الأمر؟ طبعا لا.. لماذا إذن؟
أقول لك.. في النهاية كلنا بشر، وطبيعي أن يحب أي واحد منا أن يرى نتاج عمله في أسرع وقت ممكن ليبرهن للجميع على صدق توجهاته ورغبته في العمل والإنجاز.. لكن، هل يمكن أن يبدأ شخص مشروعاً ينتهي في عهد غيره.. نحن الآن في عهد السيسي.. وهو يعلم جيدا أبعاد المشكلة وطريقة حلها، ولكنه لا يتناولها بالشكل الذي يراه الخبراء لأنه مهتم بالإنشاءات السريعة، القياسية، وهي إنجازات عظيمة في حد ذاتها، وهو عمل بالفعل حاجات هايلة في زمن قياسي.. أكرر "زمن قياسي" يعني سريعة التنفيذ قياساً بمشروع التعليم المكلّف زمنياً.. إذن سيظل الوضع على ما هو عليه حتى يأتي رئيس يلتف الناس حوله ويجعل تطوير التعليم شاغله الأهم والمعركة التي لا يعلو عليها صوت.. ويوجه لها كل دخل الدولة.. لكن الأهم من الرئيس أن يكون لدينا مجالس وهيئات قوية تضع خططاً مستقبلية للدولة تستشرف الرؤى لمئات السنوات تحدد المطلوب إنجازه في كل عام أو فترة منها.. ودول العالم المتقدمة تعمل بنفس النظام، حتى على مستوى الأفراد..
أقول لك.. في النهاية كلنا بشر، وطبيعي أن يحب أي واحد منا أن يرى نتاج عمله في أسرع وقت ممكن ليبرهن للجميع على صدق توجهاته ورغبته في العمل والإنجاز.. لكن، هل يمكن أن يبدأ شخص مشروعاً ينتهي في عهد غيره.. نحن الآن في عهد السيسي.. وهو يعلم جيدا أبعاد المشكلة وطريقة حلها، ولكنه لا يتناولها بالشكل الذي يراه الخبراء لأنه مهتم بالإنشاءات السريعة، القياسية، وهي إنجازات عظيمة في حد ذاتها، وهو عمل بالفعل حاجات هايلة في زمن قياسي.. أكرر "زمن قياسي" يعني سريعة التنفيذ قياساً بمشروع التعليم المكلّف زمنياً.. إذن سيظل الوضع على ما هو عليه حتى يأتي رئيس يلتف الناس حوله ويجعل تطوير التعليم شاغله الأهم والمعركة التي لا يعلو عليها صوت.. ويوجه لها كل دخل الدولة.. لكن الأهم من الرئيس أن يكون لدينا مجالس وهيئات قوية تضع خططاً مستقبلية للدولة تستشرف الرؤى لمئات السنوات تحدد المطلوب إنجازه في كل عام أو فترة منها.. ودول العالم المتقدمة تعمل بنفس النظام، حتى على مستوى الأفراد..
نعم.. أنا زعلان
أقول لكم أن أحد أسباب
"زعلي" من "السيسي" أنه يفهم ذلك جيداً وكان مطروحاً عليه منذ
توليه الحكم، وكنت اعتقد -أو أتمنى- أن ينحاز للبداية بالتعليم على حساب أي شئ
آخر.. كان يمكن تحقيق قفزة تاريخية ونقل مصر إلى واقع جديد.. لكنها النفس
البشرية.. ونبقى في انتظار "جودو".. فهل يأتي؟
تجربة ماليزيا
نسف الفكر القديم
سؤال آخر: وماذا عن التطويرات التي
يقوم بها "د.طارق شوقي" وزير التربية والتعليم.. أجيبك.. لا شئ.. صفر
على الشمال، ما يحدث في التعليم المصري، ومنذ ما قبل كورونا، ترقيع لثوب مهلهل
متهالك يكشف أكثر مما يستر.. لن يجدي شيئاً.. الخلاصة.. في الزبالة وارمي.. الحل
الوحيد هو تفجير العملية التعليمية بالكامل والبدء مما قبل الصفر.. من حوالي 40
سنة أو أكثر كانت شركة أدوات صحية تخاطب المستهلك بإعلان يقول: فجّر حمامك
القديم.. ونحن الآن في حاجة لتفجير فكر قديم.. وليس بعيداً ما فعلناه في عمارة
فيصل التي اشتعلت فيها النيران وكان الحل الوحيد والعملي والآمن هو نسفها، وتمت
العملية بنجاح مبهر.. وهذا هو الأسلوب الذي ننادي به في كل شئ.. في الطب والصناعة
والتجارة والتعليم والرياضة... إلخ.. فلنرفع إذن شعار "فجّر حمّامك القديم".