الخميس، 28 أكتوبر 2021

الثورة المصرية تنسف النظرية الفرنسية


 

عبدالرحيم كمال

ربما أن أحدنا لا يستطيع نقض نظرية عالم النفس الفرنسي "جوستاف لوبون" -1841/ 1931- من غوغائية الجماهير، وأن أي مشارك في تجمع جماهيري -كالمظاهرات- لو ناقشته منفرداً حول الأفكار التي كان ينادي بها وسط المظاهرة، ففي الغالب سيبدي رأياً آخر مناقضاً لتوجه المظاهرة، رأي ناتج عن تفكير فردي في المشكلة، وهو العنصر المفتقد في المظاهرات الجماعية.

الاستقواء بالجماعة

النظرية ابنة "علم نفس الجماعة"، وهو فرع من علم النفس الاجتماعي.. يخلص "لوبون" فيها إلى أن الجماهير "تستقوي" ببعضها، وكل فرد منها -في الغالب- يتنازل عن أفكاره الخاصة ليتبنى رأي الجمهور أو الجماعة، دون اتفاق أو تمحيص ومناقشة، فإذا كانت مظاهرة تضم عدة مئات، أو آلاف المشاركين، فطبيعي ألا يكون بينهم اتفاق على ما سينادون به من مطالب، إلا مجموعة قد لا تتعدى عدة افراد يشكلون نواة التجمع، وذوي قدرة على جمع الجماهير لتلتف حولهم، هذه المجموعة يمكنها بث الأفكار لتستقبلها الجموع بعفوية، وهذه المجموعة تنتمي لتبار أو حزب أو توجه سياسي فكري، مجموعة متآلفة.

 

دغدغة المشاعر

في المقابل، يشير "لوبون" إلى أن أي قائد لهذه الجموع لابد أن يكون واعياً بكيفية قيادة هذه الجماهير، ومخاطبتها بلغة يفهمونها، وأفكار تدغدغ مشاعرهم، حتى دون أن يكون مؤمناً بها، وربما تناقض معتقداته، مستخدماً معسول الكلام، المهم هو أن تنصّبه الجماهير قائداً لها.

لدينا في مصر من قال ذلك، ليس من منظور علمي اجتماعي أو نفسي، وإنما من منظور شعري، فاعتماداً على ثقافته والملاحظة الشخصية، وصف "أحمد شوقي" الجماهير بأنها "ببغاء عقله في أذنيه".


تجربة ثورة يناير

تعيدني الفكرة إلى مثال ناصع البياض حول احتمالات خطأ نظرية "لوبون"، وهو ثورة 25 يناير 2011 المجيدة، حيث خرجت الجماهير تحت وطأة ما تعانيه من افتقاد العدالة.. صحيح أن الأخوان المسلمين التفوا على الجماهير وتصدروا المشهد، لكنهم فقدوا الزخم الجماهيري بعد انكشافهم وانفضاض الجماهير من حولهم، ولم يبق معهم إلا المنتمون لهم، المؤمنون بفكرهم.. ليحدث الشقاق الجماهيري.. ويظل كل فريق ممسكاً بجمر ما يؤمن به من أفكار.. لتبقى ثورة يناير مثالاً حياً على طهارة الشعب المصري ونقائه.

 

الدراما التليفزيونية: تسقط المدينة الفاضلة

الموضوع منشورا في موقع "عين على السينما" عبد الرحيم كمال وأخيرا “شهد شاهد من أهلها”، والشاهد هو الرئيس “عبدالفتاح السيسي” شخصيا...