عبدالرحيم كمال
سؤال ليس غريبا تلقيته من أحد القراء عن سبب غيرة المصريين من السعودية، لأجيبه: للأسف نعم، وأنا شخصيا أغار من السعودية مع تمنياتي لهم بكل توفيق، ليس فقط لأنهم عرب ومسلمون، لكن لأنهم أولا وأخيرا يعملون بجد، نقلوا المملكة من السفح إلى الذرى في غضون سنوات قليلة..
خمسة أسباب
أولا: إنحازوا للعقل وانقلبوا على أحاديث الآحاد المنسوبة للنبي الكريم -وعددها بالآلاف- والتي طالما صدعنا الشيوخ إياهم بصحتها وقدسيتها ومارسوا إذلالنا بها طوال التاريخ، وألغاها بن سلمان بجرة قلم، ولم ينطق أحد من رجال الدين على طول العالم الإسلامي وعرضه، ثانيا: بقرار تاريخي مستنير، سمحت المملكة للمرأة السعودية بقيادة السيارة بعد حرمانها منها طوال التاريخ بحجج متخلفة.. ثالثا: عادت السعودية إلى رشدها وأنشأت المئات من دور السينما بعدما كانت محرمة لديهم، بل ونظمت مهرجانات سينمائية دولية شاركت فيها عدة أفلام محلية سعودية.. رابعا: الفكرة العبقرية بتكوين هيئة الترفيه، وما تطرحه من فعاليات مدهشة تعتمد بشكل كبير على الفنانين العرب، وبشكل أساسي على الفنانين والفنيين -بل والجمهور- من المصريين.. خامسا: كشفت السعودية الغطاء عن مدن وربوع فيها تستحق الزيارة وطرحتها كمعالم سياحية متميزة -منها مدينة العلا- لترسخ المملكة نفسها كوجهة سياحية للملايين بعد أن كانت تعتمد فقط على السياحة الدينية.. وهناك مشروعات ضخمة يجري العمل فيها.
متأخرون ولكن
صحيح أن الانتباه لهذه الإمكانات تم في وقت
متأخر جدا، وبعد دق عشرات ومئات وآلاف أجهزة الإنذار من قرب نضوب النفط كوقود
أحفوري -مقدر له عام 2050- لكن أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي.
نعم.. السعودية أنفقت ملايين المليارات على
هذه المشروعات، لكنها تجني منها الآن مليارات الدولارات، وستتصاعد الأرقام لتقدَّر
مستقبلا بمئات وآلاف المليارات..أليس من حقي أن أغير كمصري من أخوتي السعوديين -مع
تقديري لإنجازاتهم في هذا المجال تحديدا، وغيرتي منهم ليست حسدا، فأنا أثمّن من
يعملون ويفكرون ويقدمون الجديد مهما كان جنسهم ودينهم، فما بالنا إذا كان صاحب
الإنجاز أخا لنا نتمنى له مانتمناه لأنفسنا.
تكريم نجوم مصر
أخيرا، ماذا نقول عن تكريم هيئة الترفيه
لنجوم الفن المصري، رياض السنباطي وبليغ حمدي ومحمد عبدالوهاب ومحمد الموجي
وعبدالحليم حافظ ونجاة الصعيرة وهاني شنودة ومحمد منير وغيرهم.. طبعا بقدر سعادتي
بهذه التكريمات، لكنني حزين ألا تأتي التكريمات من مصر، نفس الشعور بالحزن من سوء
تسويق مصر لآتارها -وهي الأهم في العالم.
مصر تصدّر السياحة للسعودية
ثم كيف نرى فكرة إقامة مباراة السوبر بين
قطبي الكرة المصرية -الأهلي والزمالك- في السعودية -بالمناسبة الإمارات كانت سباقة
في الفكرة واحتضنت عدة فعاليات رياضية مصرية كان منها مباراة الأهلى وبيراميدز-،
أليس من الطبيعي والأجدى أن تقام هذه الفعاليات في مصر لتنتعش بها خزانة الدولة..
صحيح أن الناديين وقلة من المسئولين وبعض الجهات المعنية سيستفيدون من ذلك ماديا،
فيما أن هذه الفعاليات لو أقيمت في مصر فالفائدة ستشمل الجميع، الكبير والصغير،
والصغير هم أصحاب وسائل النقل، وصانعو الأعلام وقمصان الفريقين، وصانعو الأبواق
والطبول والشخاليل، والفنادق والمطاعم الكبير منها والصغير حتى عربات الوجبات في
الشوارع، والمقاهي مع الأخذ في الاعتبار العاملين بهذه المشروعات.
تخريب متعمد
ثم ألا يمثل ذلك تقويضا متعمدا للسياحة،
فبدلا من تعدد الأنشطة الجاذبة للسياحة،نصدّرها للخارج ومعها مصريون يحلون بالآلاف
سياحا على هذه الدول؟