عبدالرحيم كمال
دون أن يقصد، تسبب
معرض فرانكفورت الدولي للكتاب -أهم معرض في العالم- والذي يقام سنويا بألمانيا في شهرة
ضافية لرواية "تفصيل ثانوي" للكاتبة الفلسطينية "عدنية شبلي"،
فبينما كان المعرض يستعد للاحتفاء بالرواية وتكريم كاتبتها في دورته الماضية
-2023- إذا به يلغي التكريم استنادا إلى أن الرواية معادية للسامية، ليعود الشئ
إلى أصله، ويثبت -من جديد- زيف الحضارة الغربية وكيلها بمكيالين، وهي فضيحة مهمة
تصب في مصلحتنا لو أحسنّا تضخيمها، وضمها مع عشرات من الفضائح تصم جبهة الغرب.
استغرقت المؤلفة "عدنية شبلي" في تأليف روايتها -القصيرة- عشر سنوات كاملة، كانت فيها تحتضن جرحها الوطني والأدبي، حتى انتهت منها وصدرت في عام 2017.
منهج الإبادة
تثير الرواية
مبدئيا السؤال العريض عن علاقتها بأحداث غزة الدائرة حتى اليوم منذ السابع من
أكتوبر الماضي، والتي يتزايد توحد العالم حولها بأنها حرب إبادة تمارسها إسرائيل
ضد أهل غزة، النهج نفسه والفلسفة ذاتها والتبريرات عينها، فتتناول المنهج الإسرائيلي
الثابت في القضاء على أي شئ يمكنه تهديدهم.
تتشكل الرواية من
جزئين، تستعرض "عدنية" في الأول بصوت الراوي إلقاء كتيبة اسرائيلية
القبض على فتاة فلسطينة في صحراء النقب في عام 1949، ليتم اغتصابها مرات عديدة من قبل
الجنود وقائدهم، ثم قتلها رمياَ بالرصاص وإلقاؤها في حفرة في قلب الصحراء.
تزييف التاريخ والجغرافيا
في الجزء الثاني يأتي
سرد الأحداث بصوت المتكلم، من خلال باحثة فلسطينية تقيم في "رام الله"
تقرأ في صحيفة إسرائيلية مقالاَ عن حادثة فتاة صحراء النقب -يكون قد مرّ عليها نصف
قرن- لتتصل بكاتب المقال وتحصل منه على مصادر المعلومات المتوافرة حول الحادثة،
ويشير إلى وجودها في عدة متاحف في القدس وتل أبيب، لتخوض مغامرتها للتحايل على كيفية
الذهاب لهذه الأماكن -الممنوعة على الفلسطينيين المقيمين في قطاعات أخرى- لتستعرض
الرواية مناطق فلسطين كما تحتفظ بها الذاكرة الفلسطينية عبر الأجيال، وما شهدته من
تغيير على أيدي الإسرائيليين، في محاولة أولى لفضح عمليات سلخ اسرائيل حاضر
المناطق عن ماضيها، وتزييف وعي الأجيال الفلسطينة الجديدة والعالم.
ختامها رصاصة
وتتوصل الباحثة في نهاية رحلتها -التي لم تعد
منها- إلى ممر جبلي يمكن عبوره مشياً على الأقدام، فتترجل من سيارتها لتكتشف ما يؤدي
إليه الممر لتجد أنها في منطقة عسكرية إسرائيلية، ليجئ الختام رصاصة إسرائيلية
تستقر في رأس الباحثة، لتربط الماضي بالحاضر.
تاثير إضافي
تترك الرواية -على
قصرها وحيادية اللغة- تأثيرها البالغ على القارئ -المحايد- في كشفه لهمجية إسرائيل
ونهجها في القضاء على كل مايمكنه أن يكون مهدداَ لهم، في إضافة حقيقي ة للأعمال
الفنية الفلسطينية والكفاح عبر الثقافة وزيادة الوعي.