السبت، 24 يونيو 2023

"أخضر يابس" فيلم واقعي لاينقصه الصدق

 



عبدالرحيم كمال

تُرى.. لماذا هو أخضر ويابس؟! سؤال يفرض نفسه إزاء عنوان هذا الفيلم.

الفيلم أحد الأفلام الجادة القليلة في المشهد السينمائي المصري الذي يشهد جدبا في السنوات الثلاثين الأخيرة.

ينتمي "أخضر يابس" إلى تيار الواقعية الصادمة، فالمؤلف "محمد حماد" –وهو مخرج الفيلم- يلتزم الواقعية بحذافيرها في إيقاع الفيلم ومواقع التصوير الخارجي، وديكور المشاهد الداخلية، عاكسا بصدق موضوع الفيلم أو "الحدوتة" ومتوازيا معه في التصاعد الدرامي.

واقع مجدب

"أخضر يابس" يدور حول شقيقتين تعيشان وحدهما في منزل قديم بعد وفاة والديهما، وتبدأ الأحداث حيث تنتظر الأخت الصغرى عريسا سيزورهما مع أهله في منزلهما من أجل خطبتها، لكن هناك عدة مشكلات على الأخت الكبرى "إيمان" التغلب عليها وإيجاد حلول لها، كبرى هذه المشكلات هي إقناع أحد أعمامهما بحضور اللقاء، حيث تقضي الأعراف بوجود رجل يمثل العروس، وتبدأ "إيمان" في زيارة عميها، لكن لكل منهما عذر يحول دون حضوره، فالعم الأكبر مريض، والثاني يعمل في دول الخليج، ورغم وجوده في مصر في هذه الفترة، إلا إنه مرتبط بالعودة لعمله قبل موعد زيارة العريس المرتقبة.. ولايبقى سوى الأمل في قيام "أحمد" ابن عمهما المريض ليمثل الجانب الرجالي في عائلة العروس.



اجتماعية/ نفسية

لكن هناك مشكلة اجتماعية/ نفسية تجعل لجوء الشقيقتين لـ "أحمد" نوعا من الاضطرار المحرج والمر، فقد سبق له من قبل محاولة خطبة الأخت الكبرى "إيمان" لكن الفكرة لم تنجح، مما اضطره للزواج من أخرى، وإزاء مرض والده ومتطلبات رعايته من زوجة الإبن التي تعلن تذمرها من ذلك يطلقها "أحمد".

في زيارة "إيمان" لعمها وابنه "أحمد"، في منزلهما أولا، ثم في المستشفى التي يُنقل إليها العم في حالة حرجة، يسرد "أحمد" لـ "إيمان" تفاصيل زواجه الأول، ويلمح لها عن رغبته القديمة في الزواج منها، لكنها تلزم الصمت.. والصمت وراءه ما لايمكن قوله في موقف كهذا، فالفيلم يبدأ في عيادة طبيب يُجري الكشف على "إيمان" التي تشكو من انقطاع دورتها الشهرية، ويكشف لها ولنا أنها مصابة بحالة نادرة تصيب النساء الشابات، ليبدأ الفيلم في تفسير عنوانه أخضره ولماذا هو يابس.

إغراق في الواقعية

الفيلم لايحيد عن الواقعية ولا في مشهد واحد، وفي مشاهد طويلة نسبيا يؤكد نظرته إلى حياة الأختين خاصة الكبرى، أحد هذه المشاهد مشهد "إيمان" في الحمام وهي تنعي بلوغها سن اليأس الإجباري وهي لم تتزوج وماتزال في ريعان الشباب.. ومشهد محاولة دق مسامير في الحائط لتعليق ستارة قبل زيارة العريس وأهله، لكن دون جدوى لأن الحوائط "بايشة" أو "دايبة"، وكأنها ترفض إضفاء أي نوع من الفرح ولو شكليا على حياة الأختين، في إشارة أخرى لليابس الذي يخنق الأخضر ويفرض قانونه عليه.

في مشاهده الخارجية يستعرض "محمد حماد" –مخرجا- عددا من اللوكيشنات المغرقة في واقعيتها، فتتكرر مشاهد مترو مصر الجديدة باعتباره وسيلة المواصلات اليومية لـ "إيمان" بين البيت والعمل في محل حلويات، الإضاءة تبدو في المحطات أميل إلى الإظلام، فيما تستعرض الكاميرا –من خلال نظرات "إيمان"- بعض الوجوه لراكبي المترو بشكل سريع، والأماكن التي يعبرها المترو.



حزن سرمدي

ليس بعيدا عن ذلك أداء الممثلين، خاصة الأختين "هبة علي" و"أسماء فوزي" فالنظرات جامدة يسكنها حزن سرمدي تعكس قسوة الحالة أو عموم الحياة.. والحوار مختزل يعتمد الجمل القصيرة وقليل الكلام، تاركا للكاميرا نقل الإحساس بين وجوه الممثلين وأجواء المشاهد الداخلية والخارجية.

لكن.. كيف ينتهي الفيلم؟ المشكلة هنا ليست في الحكي الأدبي، فقد أوصل لنا المخرج/ المؤلف رؤيته لحياة الشقيقتين بدون مبالغات.


الدراما التليفزيونية: تسقط المدينة الفاضلة

الموضوع منشورا في موقع "عين على السينما" عبد الرحيم كمال وأخيرا “شهد شاهد من أهلها”، والشاهد هو الرئيس “عبدالفتاح السيسي” شخصيا...