عبدالرحيم كمال
رغم أنني توقعت أهمية
كبرى لظهور كتاب "الصحافة في خطر.. خطة للإصلاح" للزميل والصحفي الكبير
"محمد حسن البنا".. إلا أنني فوجئت بأن الكتاب نفسه يعد مثالاً حياً على
أزمة الصحافة المصرية.. حد أنها باتت في خطر، ومنذ سنوات طويلة.
للأسف.. العنوان مخادع،
لأنه لم يناقش مشكلات الصحافة التي يتوقعها القارئ.. اختار المؤلف لكتابه عنواناً
براقاً فيما المضمون بعيد عن ذلك.
مشكلات إدارية
الكتاب يعالج بشكل
أساسي –ووحيد- المشكلات الإدارية للمؤسسات الصحفية القومية المصرية.. وهي في حد ذاتها
دراسة هامة ومطلوبة في مجالها.. حيث يطالب المؤلف بتطبيق الحوكمة على دور الصحف
القومية، وتطبيق نظم الإدارة الحديثة والعلمية عليها، وهوما كان يجب عليه تضمينه
في العنوان، بدل أن يبحث القارئ عن شئ لن يجده في الكتاب، لأن المؤلف لم يتطرق له
في الأساس.
صحيح أن كل ما ذكره
"البنا" من مشكلات "إدارية" صحيح وحقيقي ويستوجب البحث، وهو
جهد يساهم في سد ثغرة متسعة تقع فيها الصحف القومية-التي قصر عليها كتابه- لكن
–مرة أخرى- كان يجب عليه بناء العنوان على ذلك.. بل إن المؤلف لم يتطرق إلى مشكلات
الصحف المستقلة.. أم أنها لا تعاني مشكلات وجودية؟.. ناهيك عن إغفال رافد هام
للصحافة حاليا، وهو المواقع الإلكترونية.محمد حسن البنا
قصور الصحف القومية
كنت أتوقع من الكتاب
بعنوانه الحالي، البراق والفضفاض، أن يجيبني عن المشكلات الكلاسيكية والحديثة..
أسباب قصور الصحف –القومية خاصة- عن مواكبة طموحات القارئ الذي اضطر أن يبحث عن
صحافة أخرى تكون أكثر اقترابا منه وأكثر تعبيرا عنه، ليجد في الصحف المستقلة –أو
صحف رجال الأعمال- ضالته، ثم تتسع المسألة لتصعد مواقع الصحف الإلكترونية إلى عنان
السماء وتهدد الكل، الصحف القومية والخاصة.
مشكلات أزلية
كنت أتوقع أن يناقش "البنا"
مشكلات أزلية، منها الخلط بين التحرير والإعلان، وهي مشكلة تتفاقم يوميا، خاصة مع
طغيان مواقع إلكترونية تدّعي أنها صحفية إخبارية.. وكيف نحوِّل جيوش المحررين فيها
إلى صحفيين مهنيين.. يسهمون في رفعة الصحافة لا الحط منها.
كنت أتمنى أن يناقش
"البنا"، بتجربته العريضة، آفة الجهل التي تسود كثيرا من الصحفيين،
واكتفاء الصحفي بأن يكون ناقلا للخبر من المصدر، وكارثة عدم تمكن كثيرين من
الكتابة الصحيحة، فنيا ولغويا.
كنت أتمنى ذلك وكثيراً
غيره، وربما يفاجئنا قريبا بكتاب يناقش المشكلات التحريرية التي تواجه الصحفيين
والصحف بأنواعها المختلفة.